10 حقائق من شأنها أن تغير الطريقة التي ترى بها نفسك

أشعر في بعض الأحيان أنَّني مجنونة وأنَّه يوجد خطبٌ بي؛ لأنَّني أشعر أنَّني امرأة عصابية وخجولة ومُحرَجة في آنٍ واحد، وأشعر أنَّني لست جيدةً بما يكفي لأي شيء أو لأي شخص، ولكنَّني علمتُ لاحقاً عندما أخبرت جدتي بما أشعر به أنَّ الجميع يشعر بالانكسار والجنون أيضاً، وأنَّ كل واحد منَّا يحرِّكه جنونه بطرائق غريبة ومحيرة في كثير من الأحيان، وهذا الجانب ضروري فينا؛ إذ إنَّه جزء من قدرتنا البشرية على التفكير والحزن والتكيُّف والنمو، وهو جزء من الحياة والذكاء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "آنجل كرنوف" (Angel Chernoff)، وتقدِّم لنا فيه 10 حقائق من شأنها أن تغيِّر الطريقة التي نرى بها أنفسنا.

لقد أخبرتني أنَّ أخذَ كل مشاعرنا التي نشعر بها على محمل الجد طوال الوقت، والسماح لها بدفعنا إلى البؤس، هو إهدار لطاقتنا، وعلينا أن نعلم أنَّ ما نشعر به في بعض الأحيان قد لا يتوافق مع ما هو حقيقي في هذا العالم، فعقلنا الباطن يجعلنا ننظر إلى الأشياء من منظور مختلف، لكن ستأتي هذه المشاعر وتذهب إذا سمحنا لها بالذهاب، وإذا رأيناها على حقيقتها.

لماذا نستَخِف بأنفسنا؟

لقد جرت تلك المحادثة بيني وبين جدتي منذ أكثر من عقدين، ولكنَّني ما زلت أذكرها بوضوح؛ لأنَّني كنت ذكيةً بما يكفي للكتابة عنها في مذكراتي بعد إجرائها مباشرة؛ إذ يذكِّرني ما كتبته بمدى سهولة الوقوع في فخ الحالة الذهنية التي تستنكر الذات؛ أي الاستخفاف بذاتنا دون وعي عندما نمر بأوقاتٍ صعبة.

على سبيل المثال، على مرِّ السنين، لا يمكنني حتى أن أخبرك بعدد المرات التي وجدت نفسي أفكِّر فيها بأنَّني لست جيدة بما يكفي فقط لأنَّني لم أحظَ بيوم جيد، وأظنُّ أنَّنا جميعنا نفعل ذلك بأنفسنا أحياناً.

لا بدَّ من أنَّك تملك قصة، أو ربما سلسلة من القصص التي تخبرها لنفسك يومياً، ولكنَّه بمنزلة فيلم يتكرَّر باستمرار في ذهنك؛ إذ يقتصر هذا الفيلم على هويتك، على سبيل المثال، إنَّ بشرتك داكنة جداً، ولست ذكياً، ولست محبوباً، ولست جيداً بما يكفي؛ لذلك يجب أن تنتبه عند تشغيل هذا الفيلم في ذهنك - أي عندما تشعر بالقلق حيال هويتك - لأنَّه يؤثِّر في كل ما تفعله، ويجب أن تدرك أنَّ هذا الفيلم ليس حقيقياً، وهو ليس من أنت عليه، بل إنَّه مجرد قطار فكري تستطيع إيقافه، أو سيناريو تستطيع إعادة كتابته.

ابدأ بالاعتراف لنفسك بأنَّك قضيت كثيراً من حياتك في الاستخفاف بنفسك لا شعورياً، وذلك في التفكير في أنَّك لست كافياً، متمنِّياً أن تكون شخصاً آخر، شخصاً ملائماً في المجتمع، وأقل حساسية وتطلُّباً وأقل عيوباً؛ وذلك لأنَّك شعرت بالانكسار ولم ترغب في إخافة الناس وإبعادهم عنك؛ بل أردت أن تترك انطباعاً جيداً وأن يحبك الآخرون، وأن يُنظر إليك على أنَّك قيِّمٌ ومحبوب حتى تشعر بالشفاء والكمال، لقد خنت نفسك لفترة طويلة عن غير قصد بغرض إرضاء الآخرين، وقد تألَّم قلبك تألُّماً خفياً.

لقد أصبحت ترى الأشياء الآن بصورة مختلفة، أليس كذلك؟

لم يعد للاستخفاف بنفسك معنى بعد الآن، فأنت تدرك الآن أنَّك بصرف النظر عمَّا تفعله أو كيف تتغيَّر، فبعض الناس لن يحترموك أبداً على أيَّة حال، وبعض المواقف لن تغذي روحك أبداً، أنت تدرك الآن أنَّك يجب أن تبدأ في فعل الأشياء للأسباب المناسبة، وليس لأنَّك تظنُّ أنَّ هذا ما يحتاج إليه الجميع، لكن لأنَّك أصبحت تعرف أخيراً أنَّك تستحق حب ورعاية نفسك، ليس لأنَّ الآخرين يدعمونك؛ بل لأنَّك تفكِّر في أفكارك الخاصة وتحتل مساحة لم يستطع أن يحتلها أحد آخر.

ربما قد تغلَّبت عليك الشدائد، أو تعرَّضت للرفض، لكنَّك لم تنكسر؛ لذلك لا تدع عقلك الباطن، أو أي شخص، أو أي شيء آخر يقنعك بخلاف ذلك، عالج نفسك برفض الاستخفاف بنفسك، واختر أن تفعل كل ما تعلم أنَّه مناسب، وأن تقدِّر نفسك كما أنت، وتتقبَّل كل عاداتك الغريبة بصدق.

ذكِّر نفسك بالحقائق الآتية:

1. تجاربك السابقة لا تعبِّر عنك:

إنَّ ندوبك النفسية وما قاله عنك الأشخاص الآخرون ذات مرة لا يعبِّرون عنك؛ بل ما يعبِّر عنك هو ما تختار أن تصبح عليه في هذه اللحظة؛ لذا انسَ كل شيء، وتنفَّس، وابدأ اليوم من جديد.

إقرأ أيضاً: أهم الإرشادات لنسيان التجارب المؤلمة التي عشتها في الماضي

2. أنت أكثر من الجزء الصغير المكسور منك:

نملك جميعاً صورة معيَّنة في أذهاننا عن أنفسنا، أو فكرة معيَّنة عن هويتنا؛ لكن عندما يتعرَّض جزء من هويتنا تلك للانكسار، فإنَّنا نتعامل مع الأمر كما لو أنَّ كل شيء فينا انكسر، ولكنَّ هذا ليس صحيحاً، لأنَّك أكثر من ذلك الجزء المكسور منك، وسيساعدك تذكُّر هذا الأمر على توسيع هويتك بحيث لا تكون هشة جداً، ولا تنكسر بأكملها عندما ينكسر جزء صغير منها.

3. نادراً ما تكون آراء الآخرين عنك صحيحة:

من الممكن أن يكون الناس قد سمعوا بقصصك، لكنَّهم لا يمكن أن يشعروا بما تمر به، فهم لا يعيشون حياتك؛ لذا انسَ ما يقولونه عنك، فستشعر بحرية كبيرة عندما لا تكترث لآراء الآخرين، وسترتاح كثيراً عندما لا تأخذ أي شيء على محمل شخصي.

4. أنت قيِّمٌ بقدر ما تعتقد:

لن تجد قيمتك عند أي إنسان آخر؛ بل ستجدها في نفسك، وبعد ذلك ستجذب أولئك الذين يستحقون طاقتك؛ لذا قدِّر قيمتك، وتوقَّف عن انتظار الآخرين ليخبروك بمدى أهميتك؛ بل أخبر نفسك بذلك، وآمن به.

شاهد بالفديو: كيف تبني تقدير الذات؟

5. أفضل وقت لتكون لطيفاً مع نفسك هو عندما لا تشعر بالرغبة في ذلك:

ما تقوله لأي شخص آخر هو ليس الأمر الذي يحدِّد حياتك؛ بل الكلام الذي تهمس به لنفسك كل يوم هو الذي يتمتَّع بأكبر قدر من القوة.

6. لم يفت الأوان بعد، أنت لست متأخراً:

أنت بالضبط حيثما يجب أن تكون، وكل خطوة تتخذها ضرورية جداً، فلا تُصدِر أحكاماً بحق نفسك، أو توبِّخ نفسك على المدة التي تستغرقها رحلتك في الحياة، فجميعنا يحتاج إلى وقتنا الخاص للمضي قدماً في حياتنا.

7. لقد قطعت شوطاً طويلاً:

يجب أن تتقبَّل الحياة اليوم، فلا تدع تفكيرك وانتظار المستقبل يمنعانك من الاستمتاع في حياتك في اللحظة الحالية، قدِّر مكانك الحالي فقد قطعت شوطاً طويلاً، وما زلت تتعلَّم وتنمو، اشكر الله على الدروس التي تعلمتها، وامنح نفسك الفضل في قدرتك على الصمود، وتقدَّم مجدداً.

8. لا بأس في عدم الشعور بالرضى في بعض الأحيان:

أحياناً، عدم الشعور بالرضى هو كل ما يمكننا التفكير به في عقولنا المرهقة وقلوبنا المتألمة؛ إذ إنَّ هذه المشاعر إنسانية، وقد يشعرك تقبُّلها براحة كبيرة، فليس من الجيد أن يموت شخص تهتم لأمره، وليس من الجيد أن يخونك شخص تثق به ويكسر قلبك، وليس من الجيد أن تستنزف عاطفياً، أو أن يغمرك الحزن، فمهما تضمَّنت الحياة أحداثاً مؤلمة، لا بأس في الشعور بعدم الرضى، وهذا الإدراك ضروري جداً.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع عدم الرضى عن الذات؟ وكيف تجعل منه أمراً يحفزك؟

9. أنت تحتاج إلى إبعاد نفسك عن الموقف قليلاً لرؤيته بوضوح:

امنح نفسك بعض المساحة، ففي بعض الأحيان، يكون أهم شيء تفعله في يومك بأكمله هو فترة الراحة القصيرة التي تأخذها بين نفسين عميقين، خذ تلك الأنفاس، وفترة الراحة عندما تحتاج إليها، وانسَ كل شيء للحظة، وذكِّر نفسك بأنَّ أقوى علامة على نموك هي معرفة أنَّك أقل توتراً بسبب الحقائق الصعبة التي اعتادت أن تطغى عليك تماماً.

10. أنت في تقدُّم دائم:

إنَّه من الجنون كيف نتخطى ما اعتقدنا ذات مرة أنَّنا لا نستطيع العيش من دونه، وكيف نقع في حب ما لم نكن نعرف أنَّنا نريده؛ إذ تستمر الحياة في قيادتنا إلى مسارات لن نأخذها أبداً لو كان الأمر متروكاً لنا؛ لذا لا تخف، وتحلَّ بالإيمان، وثق برحلتك، وتقدَّم دائماً، واحتفِ بحقيقتك.

في الختام:

كلما وجدت أنَّك تستخف في نفسك، اقرأ رسائل التذكير هذه مراراً وتكراراً، كن واعياً للقصة الزائفة التي تستخف من خلالها بذاتك، ثمَّ أعِد كتابة سيناريو حياتك، وشاهد كيف أنَّ كل يوم، وكل خطوة تتخذها، وكل درس تتعلَّمه، وكل نفس عميق تأخذه، وكل تذكير صغير، في غاية الأهمية.

في النهاية، كل الأشياء الصغيرة تُحدِث فرقاً كبيراً، وكل الخطوات هامَّة، والحياة ليست عبارة عن لحظة واحدة من الانتصار والإنجاز العظيمين؛ بل يتعلَّق الأمر بالتجارب والأخطاء التي ستضعك حيثما تريد ببطء، لكن في النهاية كل شيء هام؛ كل خطوة، وكل ندم، وكل قرار، وكل عقبة صغيرة وفوز ضئيل.

إنَّ الأحداث التي تبدو معدومة الفائدة تضيف شيئاً إلى حياتك، كالوظيفة ذات الأجر القليل التي عملت بها في المدرسة الثانوية، والليالي التي قضيتها في التواصل مع زملائك في العمل الذين لم تعد تراهم بعد الآن، والساعات التي أمضيتها في كتابة الأفكار على مدونة شخصية لا يقرأها أحد، والتأمُّلات عن خطط مستقبلية مفصَّلة لم تتحقق، وكل تلك الليالي التي قضيتها في قراءة الروايات والأعمدة الإخبارية والقصص الهزلية، والتشكيك في مبادئك الخاصة عن الحياة، وما إذا كنت جيداً بما يكفي كما أنت أم لا.

كل هذا قد منحك القوة، وقادك إلى كل نجاح حققته، وجعلك ما أنت عليه اليوم، وكل هذا يثبت أنَّك تملك القوة للتعامل مع التحديات التي تواجهك.




مقالات مرتبطة